نهاري: سياسة الغرب جعلت عويشة تقتدي بجاكلين شكلا لا فكر
من جديد يعود الشيخ عبد الله النهاري إلى الواجهة بتقديمه لنظرة تشريحية للحضارة الغربية، وانتقاده للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية وتخلف العرب الذين "لا يبتغون سوى إشباع شهوتي البطن والفرج". النهاري الذي أضحى خلق الحدث والجدل أكثر من مرة دعا إلى عدم التحجّر، والأخذ بقيم الحداثة التي تبتغ إعمال العقل والنهوض بالعلم والقطع مع ثقافة "البوي فراند والعلب والليلية" التي غزت المجتمعات الاسلامية.
وخلال تقييمه للحالة السياسة الراهنة التي يعيشها المغرب، هاجم الشيخ عبد الله النهاري، السياسة التي تنهجها الحكومة الاسلامية بقيادة حزب العدالة والتنمية. ووصفها "بحكومة الوعود الكاذبة". معتبرا أن رجال السياسة "تستهويهم المناصب وتغرهم المظاهر".
ووجه النهاري الذي كان يحاضر حول نقد الحداثة الغربية وأسئلة القيم والأخلاق، بالرباط، سيلا من الانتقادات لقنوات القطب العمومي وعلى رأسها القناة الثانية، التي اعتبرها، عاملا أساسيا في تفكك قيم المغاربة. قائلا، إن الخطاب الاعلامي المغربي "خاضع لاستعمار أجنبي يستحمر العقول ويريد نشر القيم الفاسدة التي تشيّء الانسان وتجعله عبدا للآلة".
وأكد على أن للمغرب انجازات عظيمة، مثّلها في "أكبر طعام مسقي بالطيارة وأكبر بندير وأومليط"، ساخرا من التصنيفات العالمية التي تجعل المغرب في كل المجالات الحيوية، أسفل الترتيب".
وتحدث الشيخ، عن مهرجان موازين، ووصفه، بمهرجان "الهزّ والفن الساقط"، قائلا "كيف لحكومة تبكي على صندوق المقاصة وتقول للمغاربة عن ترقب زيادات صاروخية في المواد الأساسية أن تسمح بصرف ميزانية مهرجان يغتني الغربيون من وراءه".
العرب والغرب
وقارب عبد الله النهاري، في محاضرته، العقل الغربي والعقل العربي، ساردا التسلسل الزمني لصناعة الحضارة الغربية التي أعملت العقل وثارت على "دين جاهل غير منطقي، يزعم بوجود الإله والابن والروح القدس في شخص واحد". معتبرا أن الغرب أصبحوا بطمرهم للجانب الروحاني والعقدي، عبيدا لمنجزاتهم. وعلّق النهاري ساخرا، لو لم يستفق الغرب من غفوة دينهم الذي لا يشجع منذ غاليليو، على العلم والتدبر في الكون، لـ "رأيتهم اليوم في كنائسهم، لا زالوا يستمتعون بشرب بول الباباوات ويتبركون به".
من جهة أخرى، تأسف الشيخ، لحال العرب ووصفهم بـ "من لا يبتغي من الدنيا سوى إشباع شهوتي البطن والفرج" في زمن الحرية الجنسية وشعارات حقوق الانسان والطفل. معتبرا أن البلدان العربية أصبحت رهينة ثقافة "البوي فراند والعلب الليلية".
وأكد النهاري على ضرورة حدوث يقظة فكرية في العالم العربي والاستفادة من قيم الحداثة التي تراهن على الجد والعلم والعمل. محذرا من سياسة الترويج للعلمانية على أنها الحل. قائلا إن مقاصد السياسة الغربية التي أصبحت تستشري في العالم العربي، تهدف إلى جعل "عويشة تقتدي بجاكلين شكلا لا فكرا".
أن تكون أمريكيا!
على صعيد آخر، عبّر الشيخ عبد الله النهاري عن إعجابه بالنظام الأمريكي، الذي يحترم المواطن كشخص له حقوق وعليه واجبات. متحدثا عن فائق الاهتمام الذي حظي به بإحدى المستشفيات الأمريكية، حين اصابته بوعكة صحية. وقال النهاري إن الكرامة والعدالة الاجتماعية من السمات المتجذرة في أمريكا، "والتي يبتغي للعرب أن يقتبسوا منها ولو قليلا، ففي الحداثة قيم نبيلة نحن في حاجة لتفعيلها". مشيرا إلى الإرادة السياسة القوية التي تجعل من شعب أقوى دولة في العالم، شعبا قادرا على التغيير. يحترم قادته السياسيون التداول السلس على السلطة ويعترفون بالهزيمة أمام صناديق الاقتراع والإرادة الشعبية". وقارن النهاري بين اخلاق رجالات السياسية الأمريكان المبنية على التعاون بغض النظر عن النتائج. وما يتبعه قادة الأحزاب المغربية الذين يتبنون مقولة "أنا وبعدي الطوفان".
وضرب الشيخ المثل بمغاربة رحلت بهم الأقدار إلى بلاد العام السام، ولم يكن في جيبهم دولار ولا شهادة. فأصبحوا اليوم مراجع في حرف امتهنوها وأبدعوا فيها، قائلا "أمريكا درس في احترام مخلوقات الله وحفظ كرامتهم".
وختم النهاري محاضرته بواقعة مضحكة قائلا، "في جواز سفر الولايات المتحدة الأمريكية مكتوب "حامل هذا الجواز تحت حماية الولايات المتحدة فوق أي أرض وتحت أي سماء. وفي الجواز المغربي مكتوب: عند فقدان الجواز تدفع غرامه مالية ولا يستبدل".
أصداء المحاضرة
في قاعة المحاضرات بالمدرسة الوطنية للصناعة المعدنية، تجاوز عدد الحضور الألف شخص، جاؤوا قبل ساعة لحجز أمكنتهم ومتابعة محاضرة الشيخ عبد الله النهاري، المثير للجدل.
بعد صلاة العشاء هلّ عبد الله النهاري، وسط تصفيقات الحضور ليبدأ بعد تلاوة لما تيسر من القرآن الكريم، في إلقاء محاضرته التي غاب عنه موضوعها في البداية، فسأل المنسق بصوت ضاحك، "وا اسمو الموضوع أخويا؟".
بجلبابه الأصفر ويديه التي لم يكف منذ بداية المحاضرة عن التلويح بهما في السماء والضرب بهما على الطاولة، نجح النهاري في شد الانتباه لما يزيد عن ساعتين من الزمن، في جو غلبت عليه ضحكات الحضور وقفشات الشيخ الذي وصف لغته "بالعروبية".
نزع النهاري، في كثير من المحاور، جلباب الشيخ واعتمر بدلة المجاز في العلوم الاقتصادية، وأستاذ التاريخ. مطلقا العنان للسانه، من حين لآخر، للنطق بكلمات باللغة بالانجليزية والفرنسية والاسبانية..
جميلة أسعد*صافي