'' شين'' الهاربين من مجلس المستشارين
اعتقد أن الكثيرين من المواطنين تابعوا بالمباشر او غير ذلك الواقعة التي كان مصدرها مجلس المستشارين يومه الجمعة 07 دجنبر 2012 بمناسبة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران في إطار ، التواصل السليم و القانوني بين الجهاز التنفيذي و الجهاز التشريعي ، حيث هرب بعض ممثلي المعارضة داخل المجلس أثناء مداخلة للسيد رئيس الحكومة ، وقد برر الهاربون من المواجهة الحقيقية تصرفهم الغير اللائق ،و الغير المقبول بان معالي "" وزير الوزراء قد أساء السيرة معهم" وقد فسر البعض من الموالين و المؤيدين لهذا السلوك بأنه " نوع من الاحتجاج الحضاري " ولكن أرى واعتقد شخصيا أن هذا السلوك لا يمث للاحتجاج بصلة ، فلو كان ذلك فطريقة الاحتجاج معروفة وهي مثلا ، أولا انتظار تتمة مداخلة السيد الوزير ،وبعد ذلك بإمكانهم رفع ملتمس إلى السيد رئيس المجلس للمطالبة بتوضيح من السيد رئيس الحكومة ،وإذا تطلب الأمر التماس اعتذار ، وانا أرى أن السيد بنكيران شخص متفهم وذو مراءة عالية .
نعود الآن إلى حقيقة الهروب ، ومتى يهرب الشخص من خصمه ؟ هذا هو السؤال الحقيقي الذي نريد من الهاربين الجواب عليه . وقبل الإجابة على هذا التساؤل ، أنا كمواطن مغربي لا اتفق مع الهاربين ، لان الدستور المغربي الجديد أكد على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة ، بمعنى اذا كان السيد بنكيران قد اخطأ ، فالبرلمان بغرفتين مكان للنقاش و الحوار و المحاسبة بين المعارضة و الحكومة ، لكن الفرار يجعلني كمواطن أطالب بمحاسبتكم لأنكم فوتم علي تتبع عملكم كمعارضة ، ماذا قدمتم لنا سوى الفرار من البرلمان ، ليس لكم الحق ، ودعوني أقول الفرار من المعركة يدل على الاستسلام للخصم ،ويدل على دخول معركة بدون أسلحة ،ويدل أيضا على غياب تنسيق وتنظيم للمعارضة داخل أهم مؤسسة دستورية ، بمعنى إذا كنتم ترون ان الحكومة تنفرد بالقرارات ،فالسبب يعود إلى غياب المعارضة .
الهروب و الفرار من مجلس المستشارين او ما أصبح يسمى بمعركة الهروب من مجلس المستشارين دليل أيضا ان المعارضة ليس لديها برنامج عمل وليس لديها حس ولا شعور بالتحول الديمقراطي الذي عرفه المغرب منذ 2011 على الأقل مع رياح الربيع العربي ، مع ضرورة التأكيد ان المشروع الديمقراطي بدا في المغرب منذ الملك الراحل محمد الخامس ، عندما تبنى الملكية الدستورية مع اول حكومة مغربية بعد الاستقلال التي ترأسها '' البكاي " ، هذه التصرفات المستفزة للمعارضة هي تعبير عن فشل المعارضة في الانتقال من مرحلة التأييد و التصفيق في الحكومات السابقة إلى المعارضة ، اي صعوبة التأقلم مع الجو الجديد ، جعل أحزاب المعارضة اليوم التي كانت أمس تطبل وتزمر لكل شئ ، في ورطة حقيقة ، حيث بعثرت أوراقها ،وأصيبت بالاضطراب السياسي ، و الصعقة الكهربائية ، لان السيد دعيدعة و بنشماس و عبد اللطيف ، لم يفكروا يوما اما ان العدالة و التنمية قد تقود الحكومة المغربية يوما ما ، بل ان منهم من قال ان العدالة و التنمية ستترأس الحكومة عندما يرى قادتها النجوم نهارا ،وعندما تنطبق السماء على الأرض ، لكن لما وقعت الانتخابات التشريعية أواسط السنة الماضية 2011 ، تحققت المعجزة ،و أصبيت المعارضة بالصدمة الكهربائية ، وكل تصرفات المعارضة الموجودة في البرلمان او المعارضة الخفية في تيارات اليسار و جمعيات المتاجرة بحقوق الإنسان الحالية هي تعبير عن هذه الصدمة و الارتجالية وشق الصف اليساري .
ما وقع في مجلس المستشارين يجب الا يعاد مرة ثانية ، لان الخاسر الأكبر هو المواطن ، لان الفرار من المستشارين او النواب هو تعطيل للقرارات و القوانين التي ينتظرها المواطنون لحل مشاكلهم في مختلف القطاعات ، وفي أمور الشأن العالم ، أن كل مواطن مغربي يجب أن لا ينظر إلى المعارضة بانها الملائكة ،وأنها تدافع عن مصالح المواطنين ، او كما يريد بنشماس و أمثالهم و الفارين من مجلس المستشارين إننا ندافع عن مصالح المواطنين ، لان الذي يدافع عن مصالح المواطنين ويحميها لا يفر من المعركة ، ويترك الغنائم للخصم ، بمعنى ان الحكومة قد انتصرت على المعارضة ، انتصرت عليها في مجلس النواب أمس ،وانتصرت عليها في مجلس المستشارين اليوم .
نحن لا نريد كلاما منمقا في برامج دوزيم او القناة الأولى او القنوات الأجنبية حيث تقوم المعارضة المدجلة و المعدلة ، و التي من حقنا اليوم أن ننعتها ب " شين الهاربين " و الفاشلة ، لان المعارضة الحقيقة هي جلسات البرلمان بمجلسين ،وليس استوديوهات دوزيم ، حيث الكلام المنمق و الصراخ لا تخفي عيوب المعارضة الغير القادرة على تمثيل نفسها فكيف تمثل المواطنين ،وتدافع عنهم.
وخلاصة القول ، أن ما وقع بمجلس المستشارين اهانة لأزيد من 30 مليون نسمة أبطالها المعارضة ، التي أساءت أيضا لمكانتها السياسية ، وأساءت أيضا للبرلمان المغربي ، وللتاريخ السياسي المغربي عامة ، لان الحدث سيسجل ،وينقل إلى الأجيال المقبلة ، لكن يمكن إصلاح الخطيئة بعدم تكرارها .
أذ عبد الهادي وهبي