من المتعارف عليه بإقليم أزيلال أن شراء الأصوات واستمالة الناخبين هو فساد مرتبط بالحملات الانتخابية ، سلوك الكل بات يعود به إلى فترة محددة متعلقة بالاستحقاقات ، وهو ما يعاقب عليه القانون ويزجر المخالفين ، لكن هل شراء الأصوات واستمالة الناخبين هي ظاهرة واقعة في فترة زمنية معينة ؟ أم هي طوال سنوات أو لتولي المسؤولية قبل المحطات الانتخابية ؟  .

 
       ببساطة إن شراء واستمالة الناخبين ليست ظرفية مرتبطة بالحملات والاستحقاقات الانتخابية ، إذ وعلى نقيض ما هو شائع بإقليم أزيلال، فاستمالة الناخبين للتصويت على أشخاص أو ألوان معينة هي عملية تنطلق منذ سنوات سابقة لفترات الحملات ، وتختلف هذه الاستمالة حسب موقع المرشح من خارج دواليب تسيير الشأن المحلي ، أو من داخله ..

 
      إن استمالة الناخبين من قبل أشخاص خارج تسيير دواليب الشأن المحلي تختلف من شخص لآخر ، فالشخص الميسور الذي يملك المال الوفير  وقبل حلول المحطة " الحملوية " بسنين لا يتواني في تقديم المساعدات المادية في حدود دائرته الانتخابية وحدود دوائر أخرى عن طريق التحالف مع وجوه أخرى استعدادا للاستحقاقات التشريعية، ليكون المقابل ليس صدقة جارية بقدر ماهي رد للجميل خلال الاستحقاق الانتخابي الموالي.. ، كما أن الثقافة السائدة بأوساط الناخبين هي مسارعة للتقرب من ذوي المال وحثه على الترشح وتمثيلهم ، يكون المقابل مساعدات مالية طوال السنين الموالية . بينما من هو خارج مسؤولية تسيير دواليب الشأن المحلي ولا يملك المال ، لاستمالة الناخبين يلبس جلد المناضل الشريف الغيور المدافع عن مصالح الناس مقدم الاحتجاجات، ساعي الدائرة في السخرة وقضاء حوائج الناس من الأسواق والإدارات العمومية والصيدليات ..


         بخلاف ما سبق.. فمن تمكن في محطة انتخابية من النجاح عن طريق سلوك ما سبق ذكره ليكون له مكان مع المسيرين لدواليب الشأن المحلي ، يصير محطة بدائرته لناخبين لايتوانون طوال سنين في طلب مقابل الصوت لمساعدات مالية أو شراء الأدوية والدقيق ...الخ ، أو بقضاء اللابس لجلد المناضل مقدم الاحتجاجات لحوائجهم الإدارية أو من الأسواق.. ، لكن ما يضيفه  هذا الصنف المتربع على تسيير دواليب الشأن المحلي هو استفادة ناخبيهم علاوة على ما سلف ذكره ، من امتيازات ومشاريع المرفق الذي يديرونه ، فمن أعمال المقاولات باستفادة الأبناء والموالون ، إلى قضاء الحوائج الإدارية  وتسهيلها  وإمدادهم بكل خدماتها ، التي لا يستفيد منها كل رعايا صاحب الجلالة المعارضون خاصة والغير موالون، مما يعمق الفوارق الاجتماعية ويكرس الشتات والفرقة ..،و حينها يكون مصيرالمعارض الإقصاء والتضييق والتقزيم والتفقير..فمتى كانت العمليات الانتخابية وسيلة لخلق الفرق و"الرباعات " للاستفادة على حساب شرائح  أخرى ؟ .

 
        إن من شأن ضبط العملية الحسابية للمرشح بدائرته لن يكون بمقدور منافسين في الانتخابات الترشح والفوز بجماعة من الجماعات بإقليم أزيلال ، فبضبط الحساب وعد الناخبين واستمالتهم بالاستفادة طوال سنين ليس فقط خلال حملة من الحملات ستتعاقب نفس الوجوه على تسيير الشأن المحلي سنين طويلة مادام الكرم والجود مسترسل في الزمن ، وهو ما كرس ثقافة " هذا عندو الشكارة هذا معند وش الشكارة " ، أيضا مما يقتل ويشوه الديمقراطية ويعمق الخلاف ويزرع الأقاويل المسيئة ...

 
      وموازاة مع ذلك فقتل العملية الديمقراطية بأزيلال اقترن أيضا بزرع أقاويل مغلوطة عن مواقع المسؤولية وتحملها ، و بنسب مشاريع الغير لصالحها ،و اقترن أيضا باستمالة من يزين صورها بمقابل ، كلها عوامل مجتمعة تتخذ آليات انتخابية للقاطنين بدواليب التسيير ،  لكن الزجر القانوني   يشمل سوى المحطات الانتخابية ، رغم أن عملية الاستمالة هي معدة مسبقا خلال سنوات ..

 
        ان استعراض الصورة النهائية للبرنامج الانتخابى، ووضع خطة الدعاية وآليات استقطاب الناخبين لمواجهة حزب منافس و المعارضة، بالإضافة لعرض الصورة النهائية للبرنامج هي حبر على ورق بإقليم أزيلال مما لا ينسجم  بشكل تام مع المواقف الرسمية للدولة ..

 
      إلى ذلك إن إختيار البرنامج الذي فصل فيه الحزب مركزيا  ليس موعد مع إختيار الأشخاص الذين يملكون القدرة على تنفيذ هذا البرنامج وإعطاء الخصوصية لكل شرائح أزيلال لأجل تحقيق التنمية الشاملة التي يتطلع لها كل المواطنون رعايا صاحب الجلالة . فدعوة القيادات الحزبية إلى الوحدة الوطنية والتنمية الشاملة لا صدى لها بقدر ماهي نشأة حزبية وتطلعات مستقبلية في انتظار وعي المورد البشري المواطنين باختياراتهم لإعطاء المنتخب كل الصلاحيات وتتبعه وضبطه ، ليساهم بدوره في تحريك عجلة التنمية وتخليق الحياة العامة  ، وإظهار  الأحزاب السياسية كجسم فاعل في الحياة السياسية..

 
         تعتبر الظاهرة الحزبية بإقليم أزيلال من بين التناقضات التي يعرفها المشهد السياسي المغربي، فتوالد أو تفريخ مجموعة من التكتلات السياسية سنوات قبل عشية الاستحقاقات الانتخابية هو تغيير في الإستراتيجية للتشتيت والفرقة وتفريخ العدميين والظلاميين والانتهازيين والمسترزقين..، ومن جهة ثانية تمييع وضرب مصداقية برامج الأحزاب السياسية ، وإظهارها كجسم غير فاعل في الحياة السياسية، وتجريديها بالمال من كل القوى و الطاقات الاجتماعية ، ومما لا يجعلها فعاليات سياسية تعود على السلطة و تصنفها، تلك السلطة التي لها علاقة بالقوى السياسية...

 

 

أزيلال الحرة