القائمقام والبرنامج الحكومي
اليوم قررنا بعد صبر كبير، وبعد تمعن في القيل والقال، قلنا وعلى الله التوكل أن نتفادى الإشارة والمرموز، ونقولها جهرا في وجه من لم يستحي مادام أنه صنع ما شاء فعله ليسمع ما لا يشاء.
بقدرة قادر أصبح القائمقام فيما يصبح ويمسي عليه، أصبح محللا للبرامج الحكومية وقارئا لنتائجها ومتوقعا لأعطابها، والله أعلم أنه قد وصل إلى سنة 2021 وهو يرانا وقبيله من حيث لا نراه.
ولنقرأ بالجهر ما قال لعلنا نفهم المراد، قال والله أعلم أن المغرب مصاب بثلاثة أمراض: مرض في اقتصاد غير مهيكل، ومرض في الضريبة الغير المؤداة، ومرض في الفساد المستشري، ففي مرض الاقتصاد الغير المهيكل نجد أسبابه ومسبباته عديدة، نأخذ منها كأمثلة الباعة المتجولين والمصانع المخبأة في قباء المنازل، وعندما تحول المؤسسات تنظيمهم وهيكلتهم يخرجون عليها بالصراخ والعويل، ونجد أول من يشحذ أسنة سيوفه وينصب المشانق لرجال الشرطة والدرك والقوات المساعدة وللدولة هو القائمقام، لأنه مساس بعرق جبين الكادحين ومساس بحق الفرد في لقمة العيش، ومن حق كل مغربي في نظره أن يبيع ما يشاء وما يريد وأينما يريد وكيفما شاء ويريد، وأنت تريد والله يريد والله فعال لما يريد.
أما في الضريبة فإن ثلث مدخولها يعود إلى الجماعات الترابية، ونصف قراراتها تعود لها كذلك لأن الضرائب المحلية هي أقرب للجبي وأسهل للعد وأكثر دقة للمراقبة، فكل مدينة لها مقهى مشهورة بها وقد يكون مدخولها مئات الآلاف من الدراهم اليومية، وفي آخر الشهر تجد أن الجماعة لا تفرض عليه غير تزويد الرئيس أو المجلس ببعض أكواب من الشاي أو القهوة وفي أحسن الأحوال ما تبقى من العصائر فقط، وهنا نكاد نجزم أن القائمقام قد يكون شرب عصيرا أو تلدد برشفة من القهوة من هذه المقاهي الغير المؤداة ضرائبها وهلم جرا في باقي نقط التضريب، وقد يثور القائمقام للمدرس والمعلم وللموظف عندما تجبى منه ما يقول هو مشكلة للاقتصاد الوطني.
أما ما تعلق بالفساد المستشري وبالريع فإن القائمقام عندما يثور ويصول ويجول ويقول أن سيده قد أنزل من على صهوة جواده وأن سيده لقي حتفه في الطريق، فإنه بهذا يؤسس للريع السياسي، لأنه يرى نفسه فوق الجميع وهو بهذا يبرر للمعربدين في الشوارع فتوحاتهم على رجال الشرطة أو الدرك، فعندما يعربد المواطن في الشارع ويقتل مرداس بالسلاح وتقتلع الكراسي من المدرجات وتدنس الورود في الحدائق العمومية، ويرفض المواطن أن يجتاز المباريات ليشتغل، وتتحول الجامعات لساحة حلق الرؤوس وشحذ السيوف، هذا المواطن الذي يعطي الرشوة للحصول على المنافع ويصور نفسه في اوضاع مخلة ليبيع بها نفسه، هذا المواطن الذي يبتز ويبصق في الشوارع ويحرق المرأة ويخرب كراسي القطارات، إنما فساده وجراته من حقد وجرأة القائمقام الذي يصيح آناء الليل وأطراف النهار أن هناك فسادا مستشريا في البلاد، وفي المقابل يدافع عن مثل هؤلاء النماذج بأن لهم الحرية والخيرة في أمرهم وكامل الحق في فعل ما يفعلون، فالحياء .. الحياء.. الحياء...
ولأن القائمقام بدفاعه عن سيده، فهو يشخصن العملية ويلبسها لباسه التركي ، ويرفض أن يكون شخص من عشيرته وبنيه وذويه، وهي قمة من قمم "الديموكتاتورية"، وهي ديموقراطية الديكتاتور، وحزنه وحمقه الذي بدأ يصيب حتى رئيس الحكومة الجديد وهو من ذوييه يثبت أنهم كانوا على علم بأن السلطان المتوج سيصل إلى ما وصل إليه، وإنني والله يعلم ما في السرائر أول مرة أضع سؤالا محوريا وعريضا وأريد أحدهم أن يجيب عليه، كيف هذا التلاقي بنفس الاسم ونفس الرمز ؟؟؟ هذا يذكرنا بالثورة البلشفية التي صدرت فكرها ومبادئها ومطرقتها ومنجلها وربما هي عودة لتصدير الثورات كما حاولت قبلها إيران بعد خمينيها.
بقلم/ رفيق أكيز