تحميل كتاب ' أوراق' للمفكر عبد الله العروي
اشتهر عبد الله العروي بكتاباته عن أزمة المثقف العربي . رآها انعكاسا لأزمة المجتمع , ولكنه اعترف بوجود « أزمة ذاتية تهمه هو ويلهي بها ذهنه وأذهان قارئيه » ، وهي أزمة تجعل أزمة المجتمع أعمق وأخطر , خصص لها مقالة في المؤلف المشار إليه أسفله، تناول فيها بالدراسة والتحليل أسبابها التي حصرها في عاملين أساسيين وهما . ازدواجية التكوين وضعف استيعاب العلوم الاجتماعية, واستخلص منها سمات المثقف العربي ، وجعل في مقدمتها البؤس الذي « يقود كثيرا من المثقفين إلى اليأس من إصلاح شؤون المجتمع » ( ) ، . نجد في « أوراق » معلومات دقيقة حول سمات شخصية المثقف المغربي والعوامل المؤثرة فيها , المعطيات التي تزخر بها « أوراق " يمكن استغلالها في دراسة الحالة" .
صرح المؤلف في مقدمة الطبعة الثانية ( ) بأن الأمر يتعلق بوصف شخصية إدريس حيث قال : « من وراء التساؤلات حول الموضوع والأسلوب … توجد شخصية إدريس » ودعا القارئ إلى الكشف عنها , قالها بنوع من التحدي كمن يدعوك إلى حل لغز من الألغاز المستعصية , قدم لنا شخصية ملفوفة محجوبة ، تتوارا خلف تقنيات السرد الروائي وأشكاله التعبيرية التي يمتزج فيها الصدق بالتمويه , واعتبر محك الفهم هو القدرة على خرق الحجاب للوقوف على عناصر الشخصية وإعادة بنائها , ولا يستقيم البناء إلا بالاعتماد على الخيال لاستنباط الحلقات المفقودة التي تعمد المؤلف انتزاعها من السلسلة , ذلك ما عبر عنه بقوله:
« أوراق إدريس هي حياته ، لكن حياته ليست كلها في أوراقه , يبقى مجال واسع يرتع فيه خيال القارئ ، خاصة الشاب، يتصور ما كان وما لم يكن ، وما كان يمكن أن يكون » ( ص8), وصرح المؤلف أيضا بأن الهدف من كتابة سيرة إدريس الذهنية هو وصف الجو الثقافي الذي عاش فيه رعيل المثقفين من ذوي الثقافة المزدوجة الذين اشتهروا في مرحلة ما بعد الاستقلال, لذلك يمكن أن نعتبر سيرة إدريس الذهنية حالة نموذجية تمكننا من إدراك القواسم المشتركة الموجودة بينهم بخصوص اختياراتهم وتوجهاتهم الفكرية والمعتقدية والعوامل المأثرة فيها , هذا هو الهدف المعلن , ونحن نفترض وجود أهداف ضمنية يسعى الكاتب إلى تحقيقها عن وعي أو عن غير وعي , ما هي هذه الأهداف ؟ ما هو الدور الذي أراد الكاتب لرواية السيرة الذاتية أن تلعبه ؟ ما وظيفة تعليق الراوي عليها وتعليق شعيب ؟
هذه هي الأسئلة التي سنحاول الإجابة عنها , سنركز التحليل على نقطتين أساسيتين وهما: أولا ، مسيرة تكوين إدريس الفكري , وسيكون الهدف هنا هو بيان تأثير الفكر الغربي في شخصيته وما ترتب عن ذلك التأثير من تمزق في الذات , ثانيا ، محاولة بناء الشخصية من خلال جمع شظاياها المبعثرة في مختلف الفقرات , وهو ما سيمكننا من تشكيل فكرة عامة حول صاحب السيرة والكشف عن الأهداف المضمرة التي تساءلنا عنها.
لمعرفة تأثير الفكر الغربي في تكوينه سوف لن نكتفي بالإشارة إلى أسماء الفلاسفة والمفكرين الذين تأثر بهم خلال مختلف مراحل التكوين , لذلك سنقوم في البداية بالتعريف بالفلسفات التي بدا لنا أنها حاضرة بشكل مكثف في ذهن المؤلف عندما أقدم على كتابة الرواية وفي ذهن إدريس الذي يمثل صورته في الماضي , ولعل أهم الفلسفات التي أثرت في حياته الفكرية والسياسية هي الفلسفة الرومنسية الألمانية وامتداداتها عند شوبنهور وتلميذه نتشه, وسيلاحظ القارئ أن الأفكار التي سنستعرضها توجد أصداؤها كلها في " أوراق"» .
للتحميل أنقر على الرابط:
awrakarouitelexpresse.pdf