الصورة: لحسن بناجح والمسؤول الامريكي في مقهى بيضاوي
لا منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة.. على هامش إعفاءات أعضاء العدل والإحسان بأزيلال وبربوع المملكة
نقول بكل بساطة أن الدولة تأخرت كثيرا لتحصين المناصب الإدارية وحماية الوثائق والأسرار منذ مدة طويلة، وكان على الأقل أن يتخذ إبان الربيع العربي، جماعة بصريح العبارة تنازع الملكية في إمارة المومنين، ولا تعترف بالنظام ومؤسساته والمذهب التديني، حيث لها إمارتها المتوارثة عن فكر شيخها عبد السلام ياسين، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة لزعزعة الإستقرار ببلادنا، بإثارة القتن وضرب الإستقرار، وهي التي لا تترك صغيرة إلا أحصتها ونشرتها بمواقعها من أجل ضرب المؤسسة الملكية، وسمعة المؤسسات الوطنية ورجالاتها، وفعالية تسييرها لشؤون الدولة، وهم الذين يشتغلون بها ويتقاضون أجورا مرتفعة...
على سبيل المثال لا الحصر..، نتذكر أنه في سنة 2012 تناولنا كما تناولت جرائد ورقية وإليكترونية، أن جماعة العدل والإحسان تلقت تمويلا من الجمهورية الإيرانية، من أجل تقوية قدراتها وإمكاناتها في مجال التقنيات المعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة، لتدعيم حملاتها ضد الحكومة المغربية عبر الأنترنت، هبة من إيران على شكل معدات وآليات متطورة وعالية الدقة خاصة بالتصوير الرقمي، و بعض أعضاء الجماعة قد استفاد من تدريبات في مجال المعلوميات على يد خبراء إيرانيين، من أجل استغلالها في حملة مرتقبة ضد الحكومة عبر المواقع الاجتماعية، والسعي لاستعمال هذه التكنولوجيا الحديثة التي تبرعت بها إيران إلى فروع الجماعة، بهدف خلق أكبر عدد ممكن من بؤر التوتر عبر ربوع المغرب، ولاستغلاله في التسويق الإعلامي ليواكب أجندتها الحالية في مختلف القطاعات، سواء في الجامعات أو احتجاجات العاطلين عن العمل وأعمال العنف التي يتم تأجيجها في مختلف المدن، وغيرها من البؤر التي يعمل من أجل خلقها..
مناسبة القول أن الدولة أعفت أعضاء جماعة العدل والإحسان من المناصب سواء بأزيلال أو غيرها من المناطق بالبلاد، وهي المناصب التي تحتاج الى أناس متشبثون بثوابتهم الوطنية لا مجال للخيانة بقلوبهم أو عقولهم، إذ لا منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة، فإما أن تكون مغربي أو إيراني، في دولة إسلامية شعار الغالبية الساحقة من سكانها هو الله والوطن والملك، ولأن الوطن رحيم لحدود الساعة بمن تم إعفائهم من المناصب الإدارية، فأجورهم سيتقاضونها في وقتها من الدولة التي يطعنونها من الخلف ويتكالبون عليها مع الأعداء من أجل أحلام القومة، وهي الأجور المرتفعة التي تمنحها لهم الدولة من أجل المساهمة الى جانب التمويلات الخفية في صناديق جماعة العدل والإحسان لإثارة الفتن وزعزعة إستقرار البلاد...
عن التمويل الإيراني للعدل والإحسان السالف ذكره، ليس إلا لتقويتها في الحرب الإلكترونية ضد النظام والحكومة، حيث شكلوا مراكز معلومات بالإهتمام بتصوير أحداث المواجهات بين المتظاهرين والأمن، أو مشاهد إحراق بعض العاطلين عن العمل لأجسادهم لترويجها على نطاق واسع، مُرفقةً إياها بتعليقات تروج عبرها الجماعة موقفها المعادي للنظام الذي تتشبت به الغالبية الساحقة من الشعب و الذي تسعى الجماعة لاستمالته بكل السبل والوسائل التي تنم عن ضغينة...
توظف جماعة العدل والإحسان حكمة " لعن الشيطان أمام الملأ والجلوس معه في الخفاء"، فتراها تجيش مريديها ضده، وتقسم بـ "الرؤيا" وكل "الوصايا العشر" على كفره، ثم تختلي به في المقاهي لتزوده بالتقارير السرية، وتحلف أمامه أن شعاراتها ليست سوى حبر مداد ينمحي أمام جبروته. إنها خلاصة لما حدث إبان حراك الربيع العربي، حين اقتنص "هواة" بشارع مولاي يوسف بالدار البيضاء صورة لحسن بناجح عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية والناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان ومدير موقعها الإلكتروني، داخل مقهى "النجوم" في لقاء خاص مع مسؤول بالسفارة الأمريكية بالرباط أنذاك، حيث تم تسليم الوثائق والمعلومات والأرقام و الإحصائيات في خيانة مكشوفة، مصدرها في اعتقادنا عناصر الجماعة بالمناصب الإدارية بمختلف المرافق العمومية، والتي على ما يبدوا لن تكون فقط مدسوسة في المكاتب التابعة لوزارة التعليم، ومما يفيد أن الجماعة لتحقيق مشروعها الخرافي ضد النظام تسعى للتحالف حتى مع الشيطان إن حضر إحدى جلساتها الخاصة ( مجلس النصيحة..) التي تعقدها في الخفاء...
ولأن حدس القناصة لا يخطئ أبدا، فقد التقطوا صورة للمسؤولين حين خروجهما من المقهى، بعد فشلهم في تصوير حديثهما الطويل الذي ظل خلاله المسؤول الأمريكي يستمع إلى المسؤول الكبير في جماعة الشيخ، ويدون معلومات عبارة عن تقارير فشلت عدسات القناصة في تحديد طبيعتها، لكنهم تنبؤوا بخطورتها، فعلها تلتحق، يوما ما بأرشيف وثائق "ويكيليكس" الشهيرة...
ولم يخف العارفون بخفايا "الجماعة الياسينية" أن الشبهة تحف باللقاء، علما أن المسؤول الأمريكي مختص في الجماعات الإسلامية، وسبق أن قضى فترة طويلة مساعدا للحاكم المدني "بول بريمر" بالعراق بعد سقوط نظام صدام حسين، وتنقل بين عدة مسؤوليات قبل أن يستقر في المغرب ليستقبل أعضاء جماعة العدل والإحسان بالمقاهي وفضاءات أخرى، ولن ننسى أيضا ان الربيع العربي مخطط أتى لزعزعة استقرار العديد من الدول وتقسيمها، وبدأت التمويلات والتكوينات تتقاطر، وبحث الحناجر المتواطئة والتاريخ شاهد على تواطئها، حيث جنت سيئات كثيرة لما آلت إليه الأوضاع ببعض البلدان، ونحمد الله تعالى ببلدنا الغالي الذي ينعم بالإستقرار.
ولأن الجماعة تتشبث بسياسة ألف قناع، فقد تخلى بناجح، الذي طالما ردد في حرم الجامعات "أمريكا أمريكا عدوة الشعوب"، عن قناعاته، وفضل الجلوس في مقهى رفقة مسؤول أمريكي ينصت إليه ويزوده بالتقارير ...
الجماعة طالما افتخرت بأن لا علاقة لها بأقوى دولة في العالم، وأنها تقاطع كل أنشطتها، بل أصدرت تنبيها إلى مريديها، خصوصا إلى نادية ياسين، تمنعهم من الاقتراب من شبهة التعامل مع الأمريكان. فهل دفع الحراك الاجتماعي الجماعة إلى نسج حبل الود مع الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبارها صديقة الشعوب بعدما كانت عدوتها؟، أم أن الجلوس في تلك الحقبة التي تتزامن والربيع العربي كان هدفا لأشياء أخرى...؟؟؟
إن اللقاءات مع مسؤولي السفارات الأجنبية بالمغرب ليست حراما، لكن شريطة الالتزام بالقواعد المتعارف عليها، ومنها إخبار وزارة الخارجية بالموضوع والجهات المختصة للقيام بكل الإجراءات، تفاديا لشبهة التخابر، خاصة أن اللقاء يتزامن مع حراك 20 فبراير الذي حملت جمرته جماعات إسلامية ببلدان أخرى وجماعة العدل والإحسان بالمغرب، ولإضفاء المصداقية على الجماعات والأحزاب حتى لا تصطاد بعض الجهات الأجنبية في الماء العكر، فالمغرب له سيادته ولا سلطة لحاكم مدني عليه، بل إن الشفافية تفرض إبلاغ الرأي العام بمحتوى التقارير التي تأبطها مساعد "بول بريمر" في البيضاء...
متابعة أزيلال الحرة / خالد العطاوي