لما تولى محمد ولد عبد العزيز الحكم في موريتانيا سنة 2008 كان جد محظوظ. حيث سيكتشف أنه يجلس فوق كنز من الذهب، حيث تم تخفيض الدين الخارجي إلى الصفر وذلك بفضل مجهودات سلفه علي ولد محمد فال الذي تولى الرئاسة من سنة 2005 إلى 2007. كما أن النفط والمعادن ستعرف ارتفاعا بين 2010 و2014.
لكن للأسف الشديد فإن الرئاسة الموريتانية ستهدر كل هذه الفرص التي هي بمثابة جائزة من السماء. فجأة سيجد البلد نفسه ينحدر نحو الهاوية، حيث انهارت عائدات النفط والمعادن، بالإضافة إلى عدم وجود أي قطاع مهيكل يمكن أن ينقذ موريتانيا من الأزمة.
وعرف الاقتصاد الموريتاني بين 2010 و2014 انتعاشا استثنائيا. حيث بلغ النمو 5.5 في المائة، كما أن عائدات التصدير ارتفعت بشكل كبير، وارتفع الانتاج والاستثمار الخارجي نتيجة مساهمات أجنبية في القطاعات الصناعية.
ومن المفاجآت السيئة أنه رغم أن الخزينة الموريتانية لها عائدات مهمة، فإن الحكم خنق البلاد بالدين العمومي. وحسب معلومات حصل عليها موقع "موند آفريك" فإن الدين الموريتاني ارتفع إلى حوالي خمسة ملايير دولار بارتفاع فاق 150 في المائة خلال السنوات من 2010 إلى 2015.
ومن المفارقات أن الحكم الموريتاني يلجأ إلى الديون رغم أنه يتمتع بظروف اقتصادية جيدة. مما يطرح العديد من الأسئلة حول استعمال العائدات وطريقة الحكامة. الخطأ التاريخي الذي ارتكبه الرئيس الموريتاني وحكومته هو تضييع عائدات النفط والمعادن دون تهييء مشاريع مستقبلية.
وأفاد تقرير لمؤسسة "كوفانس" الدولية لدراسات الاقتصاد والأعمال، أن ضعف أداء قطاعي المعادن والصيد، أصبح يهدد الاقتصاد الموريتاني، معتبرا أن أزمة البلاد الاقتصادية ربما لا تزال في بدايتها، لكن تسير بخطى حثيثة نحو الانهيار.
وبحسب التقرير الذي صدر في شهر يناير من عام 2016، فإن تراجع طلب الصين على الحديد، أصبح يهدد بشكل كبير مستقبل الشركة الموريتانية للصناعة والمعادن(سنيم) كما تحدث التقرير عن عجز في الميزان العام للدولة.
وحذر التقرير من أن موريتانيا قد تتحول لدولة فاشلة وغير مستقرة أمنيا واقتصاديا، إذا استمر الوضع على حاله.
ولم يستفد الشعب الموريتاني لا من بعيد ولا من قريب من ثمار الانتعاش الاقتصادي في السنوات السابقة. حيث وصلت إلى البطالة إلى حوالي 32 في المائة، وهي النسبة الأكثر ارتفاعا في العالم حسب تقرير للبنك الدولي في فبراير الماضي. كما أن نصف الساكنة الموريتانية لا تتوفر على الماء الصالح للشرب، حسب تقرير برنامج التغذية العالمية. بالإضافة إلى أن مؤشر التنمية البشرية (الصحة، التعليم، الفقر،...) يضع موريتانيا في المرتبة 156 عالميا خلال سنة 2015.
عبد الله الأيوبي