المناخ الاقتصادي مهيأ اليوم لاستقبال المشاريع الصينية
الساعة تشير إلى التاسعة صباحا من يوم الأحد 12 يونيو 2016، بمقر مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، حركة دؤوبة غير عادية، استثنائية، الكل يعي دقة اللحظة، الجميع يعمل كخلية نحل لا تكل، وعلى أهبة الاستعداد بطنجة، لاستقبال وفـــد صيني هام اختار عروس الشمال من أجل إقامة مشروع صناعي ضخم ذي أبعاد استثمارية، اقتصادية واجتماعية وانعكاسات إيجابية أخرى متعددة.
حضور إعلامي لتغطية زيارة الوفد الصيني
العاشرة صباحا، بداية توافد العشرات من المنابر الإعلامية المحلية والوطنية بدعاماتها المختلفة (المرئية، المسموعة، المكتوبة والإلكترونية)، حضرت لمواكبة زيارة هذا الوفد الصينـــي الرفيع المستوى إلى طنجة وللاطلاع عن قرب على مضمون وتفاصيل الاتفاقية التي وقعت في بكين مؤخرا بين جهة طنجة تطوان الحسيمة ووزارة التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمــي ومؤسسات صناعية صينية كبــــرى تنشط في العديد من المجالات.
الزيارة تندرج في إطار تفعيل الاتفاقية الإستراتيجية التي تربط المملكة المغربية، وجمهورية الصين الشعبية، وعلاقة بالاتفاقية التي وقعت مع شركتي ( Haite Group) و (Morocco China International)، والمتعلقة بمشروع إحداث مجمع صناعي (صيني/مغربي) بمدينة طنجة.
تسمع فجأة صفارة إنذار مصدرها دراجة شرطة ترافق الوفد الصيني، المكون من 14 شخصية، وعلى رأسه السيد غيو كيز هو Guo Qizhouممثل الحكومة الصينية-مدير لجنة التجارة في شنكدو، والسيد لي بياو Li Biao رئيس مجموعة هايتي، وعند مدخل مقر مجلس الجهة يجدون في استقبالهم كل من السادة: إلياس العماري رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، ومولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي والسيد محمد اليعقوبي والي جهة طنجة تطوان الحسيــــمة.
يدخل الجميع إلى القاعة التي احتضنت حفل الاستقبال، علم المملكة المغربية وعلم جمهورية الصين الشعبية يزينان المكان، يعم بعض الصمت الفضاء ليفسح المجال لأصوات "فلاشات" آلات التصوير.
إلياس العماري: ابن بطوطة هو الرحالة الذي دشن لعلاقات تاريخية بين المغرب والصين
السيد إلياس العماري رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، ستكون له كلمة الافتتاح والتي أشار من خلالها إلى ما تتيحه الجهة من إمكانيات وموارد مشجعة على الاستثمار والإقامة، ثم يتوقف للحظات عند صفحات من التاريخ ليذكر الحضور بكون ابن بطوطة، ابن طنجة هو الرحالة الذي دشن لعلاقات تاريخية بين المغرب والصين تتطور يوما بعد يوم.
المتحدث وفي سياق ذي صلة بالمشروع الصناعي المرتقب سيقول أن المناخ الاقتصادي مهيأ اليوم لاستقبال المشاريع الصينية، وأن أرض المجمع الصناعي في طور التهييء، حيث أنه تم إلى حدود الساعة تهييء 50 في المائة من المساحة المقررة تخصيصها للمشروع والبالغة 1000 هكتار.
وبلهجة الواثق الذي يقول ويعمل بعدها مباشرة في الميدان، سيؤكد العماري أمام عدسات الكاميرا وجموع من حضروا الاستقبال، أن ترجمة ما هو موجود في الاتفاقية بين الطرفين المغربي والصيني ستتم انطلاقا من اللحظة، أي من صباح يوم الأحد 12 يونيو الجاري، لأنها وبكل بساطة، أي الاتفاقية، تشكل مدخلا لعلاقة إستراتيجية بين المغرب والصين.
ü التركيز في المشروع الصيني بجهة طنجة على الاعتماد على الكفاءات المغربية
إنها أكبر اتفاقية من حيث حجم الاستثمار، فقد خصص لها غلاف مالي قدره 10 مليــــــــــار دولار، كما أن المشاريع التي ستنجز في هذا السياق ستستوعب حوالي 300000 فرد، يقول العماري، ضمن إطار أساسه الاعتماد على الكفاءات المغربية، والغاية هي المساهمة في تخفيض البطالة وتشجيع الاستثمار وخلق فرص اقتصادية صناعية تنموية للجهة على وجه الخصوص والمغرب بشكل عام.
وجدد رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة التأكيد على كون الاتفاقية ستقوي العلاقات التاريخية بين البلدين، خاصة بعد الزيارة الأخيرة لجلالة الملك محمد السادس والتي أثمرت نتائج متميزة. وختم المتحدث كلمته في التعبير عن أمله لنقل تجربة الصينيين في "جبل علي" من دبي إلى جهة طنجة تطوان الحسيمة وأن تكون أكثر من ذلك.
أكومي: ننوه بالمجهودات التي بذلتها جهة طنجة تطوان الحسيمة
أشار محمد أكومي، نائب الرئيس المدير العام للبنك المغربي للتجارة الخارجية، إلى أن من أسماهم بالأصدقاء الصينيين كونهم مقتنعون بالمشروع الاستثماري، ونوه بالمقابل بالمجهودات التي بذلتها جهة طنجة تطوان الحسيمة والحكومة المغربية في توفير شروط الاستثمار المناسبة من بنيات تحتية وغيرها لإنجاح كل تفاصيل المشروع المذكور، وأكد على أن الجهد الجماعي ساهم في إنجاز هذا المشروع، ومؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية تظل على استعداد تام للدعم والمواكبة، وإذا كان الثقة المتبادلة بين الطرفين موجودة، فإنه يجب الانتقال إلى مرحلة التطبيق -يقول أكومي-.
الوزير العلمي: توقيع الاتفاقية صفحة جديدة في التاريخ يكتبها المغرب والصين بمداد من ذهب
قدم مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، في كلمة بالمناسبة، الشكر لرئيس الجهة، ونقل ترحيب جلالة الملك بالوفد الصيني، وذكر أيضا بالزيارة التاريخية لجلالة الملك إلى الصين وما تلاها من نتائج إيجابية تتجلى تمظهراتها اليوم على مستويات مختلفة.
العلمي قال إن المغرب عبر دوما عن إرادة قوية، في ربط علاقات متميزة مع الصين، ولم يفته التنويه بما يحققه بالنموذج الاقتصادي للصين الأمر الذي يجعله دولة مؤثرة اقتصاديا في السوق الدولية.
العلمي أضاف أنه من تجليات تأثير هذا النموذج إسهامه اليوم في علاقة أقوى وأمتن بين البلدين، وقال إن توقيع الاتفاقية صفحة جديدة في التاريخ يكتبها المغرب والصين بمداد من ذهب، بالنظر إلى الموقع الاستراتيجي للمغرب ولكونه يعد بوابه إفريقيا نحو وجهات أخرى. وأكد على أن الصينيين سيجدون في المغرب كل المواكبة والدعم لهذه المشاريع الاستثمارية الضخمة، سواء من الحكومة أو مجلس الجهة.
الوفد الصيني: الاستثمار في جهة طنجة اختيار استثماري صائب
أجمع ممثلا الوفد الصيني، على التعبير عن سعادتهما بالحضور إلى المغرب وزيارة مدينة طنجة، ونوها بالعلاقات المتميزة التي جمعت لسنوات طويلة بين الصين والمغرب والتي تثمر سنة 2016 اتفاقية لإنجاز مشروع صناعي هام، لن يكون الأخير في المنطقة. وعبرا كذلك عن الاستعداد التام للحكومة الصينية لدعم هذا المشروع وإخراجه إلى حيز الوجود في أقرب الآجال، واستحضرا أيضا جوانب من استقبال الرئيس الصيني لجلالة الملك ببكين مؤخرا، وهو ما يشكل مجالا أرحب لعلاقات وشراكات قوية بين البلدين قائمة على أساس الاحترام والتعاون المتبادلين. وأكدا بالمقابل أنهم لن يدخروا الجهد في سبيل دعوة المستثمرين الصينيين للتوجه نحو المغرب لأنه اختيار استثماري صائب، وبالخصوص الاستثمار في جهة طنجة تطوان الحسيمة من داخل المركب الصناعي المرتقب إنجازه.
وبعد الاستماع إلى هذه الكلمات، سيتبادل الطرفان مجموعة من الهدايا التذكارية الرمزية، لينطلق الجميع في حدود الساعة 12:00 زوالا من طنجة إلى المنطقة التي ستحتضن مشروع المجمع الصناعي، حيث قدمت لهم شروحات، بحضور السيد محمد اليعقوبي والي الجهة، خرائطية مفصلة عن البنيات التحتية المتوفرة وغيرها من الشروط التي اجتهد المغرب في توفيرها.
وبعد ذلك واصل الوفــــد طريقه في اتجاه ميناء طنجة المتوسطي ومنطقة "ملوسة" الصناعية، حيث كان في استقبالهم فؤاد بريني، الرئيس المدير العام للوكالة الخاصة طنجة المتوسط وأطر أخرى، وقدمت بهذه المناسبة العديد من الشروحات التي تهم مرافق الميناء المتوسطي ومختلف الخدمات التي يقدمها كمحطة عبور للسلع والمسافرين، وكونه محطة بحرية اقتصادية ذات قيمة عاليـــة تجعلها يتصدر قائمة الموانئ الإفريقية من حيث عدد الحاويات التي تتجاوز عتبة 3 ملايين حاوية، تجعله مرتبطا بأكثر من 160 ميناء في أكثر من 60 دولة إلى غير ذلك من المعطيات.
الوفد الصيني وقبل التوجه إلى مطار ابن بطوطة الدولـــي بطنجة، آثر العودة عبر الطريق الوطنية عوض الطريق السيار كما كان الأمر في بداية الرحلة، حيث كانت الفرصة جد مواتية للتمتع بمناظر رائعة من شواطئ (الزهارة، واد أليان، الدالية، المريسات...) تحقق نسبة اصطياف كبيرة وتحظى بسمعة عالمية، ويبدو أن الأمر شجع أكثر فأكثر الضيوف الصينيين، كونهم لم يخطئوا في اختيار وجهة استثمارية واعدة بكل المقاييس.
أزيلال الحرة/ مراسلة