تنغير: قبلة للبحث العلمي والبعثات الطلابية العالمية
بعد سالفاتها من الرحلات الاستكشافية المعروفة منذ المرحلة البريكولونيالية ( ما قبل الاستعمارية ) ، اتجاه مناطقنا على غرار مثيلاتها من المدن والبوادي المغربية ، من أجل دراسة وتحليل أنماط عيش الأفراد والجماعات وطرق تفكيرها ... ، لغرض استعماري محض ، كانت نتيجته التوغل إلى أغوار الثروة وصلب القرار السياسي للتحكم في مصير الأمم والشعوب عامة وبلداننا خاصة ، لتتطور الدراسة ويختلف الهدف إبان الفترة الاستعمارية وبعدها بميلاد مرحلة الاستقلال ، بالتفكير في رؤى إستراتيجية ودراسات تكاد تكون موضوعية ومعقولة في تناولها لمختلف الظواهر المعالجة ( اجتماعيا ؛ اقتصاديا ؛ أنثروبولوجيا ؛ سياسيا ؛ ثقافيا ؛ لغويا ... ) ، بسبب نشأة الجامعات ومراكز البحث والمعاهد الخاصة والتأسيس للبحث الأكاديمي الجاد وتطويره . السبيل الذي فتح باب النهوض بالبحث العلمي إلى مستويات أرقى ، عبر تشجيع الدراسة الميدانية والتنقيب والنبش في معالم وتجليات التاريخ والحضارة والاقتصاد وغيرها من المواضيع التي لم تكشف عنها الدراسات السابقة أو لم تتقن معالجتها ، متوسلة بذالك أذكى وسائل البحث العلمي من آلات ووسائط تقنية وتكنولوجية حديثة .
والملاحظ في الآونة الأخيرة أن مدينة تنغير وواحة تودغى تحديداً تستقبل عشرات الطلبة والباحثين من مختلف الجامعات بالعالم ( فرنسا ؛ اسبانيا ؛ ايطاليا ؛ أمريكا ؛ ألمانيا ...) ، للقيام ببحوث ميدانية ودورات تدريبية ، وحول مواضيع تخص الهوية واللغة الأمازيغيتين أساسا ، إضافة إلى قضايا أنثروبولوجية أخرى تعنى بالتاريخ اليهودي وسؤال التعايش بالمنطقة ، كما التراث والنظم الاجتماعية للقبائل المحلية وغيرها . فما السر وراء توافد هذه البعثات الأكاديمية نحو واحة تودغى تحديداً ؟ ألا يمكن تفسير ذلك بغنى هوية وذاكرة تودغى التاريخية وتعابيرها الثقافية المتنوعة ؟ أم أن الهدف والغاية لا تزال استعمارية محضة وبغلاف احتوائي جديد لهذا الغنى وخطورة أبعاده... ؟
رجب ماشيشي / تنغير