المدرسة الجماعاتية بين الطموح و الواقع ؟
في إطار تنزيل التدبير الرامي إلى تحسين العرض المدرسي ، راهنت وزارة التربية الوطنية على تجربة المدرسة الجماعاتية باعتبارها نموذجا متطورا لإيجاد حل لمعضلة التربية و التعليم بالبوادي الجبلية التي تعاني من صعوبات كبيرة على مستوى قساوة الظروف الطبيعية ، و على مستوى التجهيزات و البنية التحتية ، و على مستوى الأطر التربوية ، و على مستوى وضعية السكان من فقر و أمية ، فعمدت إلى بناء مركبات تربوية ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺮﺍﻓﻖ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺠﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ و السكن القار ﻟﻠﻤﺪﺭﺳﻴﻦ ﻭالداخلية التي ﺗﺆﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﻭﺍﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻟﻠﺘﻼﻣﻴﺬ ﻭﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺬﺍﺕ ، و بذلك تساهم في الحد الكبير من الهدر المدرسي ، و تضمن تمدرس الفتاة القروية ، و تحقق جودة التعلمات و تنمية القدرات ، و تجنب الاكتظاظ والأقسام المتعددة المستويات ، و تؤهل الأطفال اجتماعيا و ثقافيا عبرعدة أنشطة منتظمة . إن المدرسة الجماعاتية مركب تربوي يسهل التأطير و التربية و التعليم عبر المصاحبة و التتبع عن قرب.
و لكن لكي تحقق هذه المؤسسة جميع الأدوار الموكولة إليها على أكمل وجه ينبغي التنزيل الحقيقي على أرض الواقع لأركانها الأساسية التي ألخصها في النقط التالية :
1) إشراك آباء التلاميذ في تسيير جاد لشؤون المؤسسة و تتبع المسار التعلمي لأبنائهم عن قرب من خلال جمعية جادة و فاعلة تمثلهم تمثيلا حقيقيا ، بعيدا عن الجمعية التقليدية التي تبقى مجرد اسم .
2) إعادة النظر في النموذج القديم للتسيير الإداري و التربوي و اعتماد آخر ينسجم مع خصوصيات وأدوار المؤسسة الجديدة و يأخذ بعين الاعتبار كل إمكانات و إكراهات المؤسسة و يفتح جسر الانفتاح الإيجابي على محيطها السوسيو ثقافي .
3) توفير الموارد البشرية المختصة و هنا نشير إلى مقتصد المؤسسة و الحارس العام للقسم الداخلي ، و التجهيزات الضرورية لتؤدي جميع مرافق المؤسسة أدوارها على أحسن وجه .
4) برمجة أنشطة ثقافية و اجتماعية و تربوية بالمؤسسة و كذلك ضمان تأطير صحي منتظم و دعم تربوي و نفسي للمتعثرين باستدراك النقص و علاج الخلل ، و تسهيل اندماج الوافدين في الحياة الجديدة .
5 ) تخصيص نقل مدرسي مجاني و شامل لتلاميذ الدواوير المرتبطة بالطرق المعبدة أو القريبة في حالة الاكتظاظ بالقسم الداخلي أو امتلائه و ذلك بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و المجلس الجماعي و الجمعية المكلفة بالنقل المدرسي على صعيد الجهة .
6) تمكين الأسر المعوزة من الاستفادة من برنامج مليون محفظة و توفير كل الحاجيات الأساسية لأبنائها عبر برنامج مماثل لتيسير .
7) تكثيف اللقاءات و الندوات التكوينية للارتقاء بكفاءات أطـر المؤسسة و مواكبة المستجدات .
و في الأخير أقول أن نجاح المدرسة الجماعاتية يتطلب توفر إرادة قوية لدى المسؤولين المحليين والإقليميين في التنزيل الحقيقي للمشروع على أرض الواقع ، و أرى شخصيا أن هذا المركب التربوي هو الأنسب و الأنجع لكسب رهان الرفع من جودة التعلمات و تنمية قدرات المتعلمين و تجنب الهدر المدرسي بكل أشكاله و تحقيق تكافؤ الفرص في الأرياف حيث تكون الأسر فقيرة و الظروف الطبيعية قاسية .
إسماعيل عشاق