|
|
الإسلاميون في الحكومة يمارسون التهريج السياسي والفجور الإعلامي
أضيف في 05 يونيو 2014 الساعة 40 : 15
الإسلاميون في الحكومة يمارسون التهريج السياسي والفجور الإعلامي
وإلى عهد قريب ، لم يكن الرأي العام يسمع حسيسا للإسلاميين ، لكون وسائل الإعلام كانت مجالا يكاد يوصد منافذها دون صوت الإسلاميين ، فقط كان هؤلاء يسمعون بعضهم ويسمعون الغير من على منابر المساجد ، أو في المجالس الخاصة مجالس الإيمان والذكر ، والتربية ، أو في المجالس العامة ، فمجالس الأفراح والأتراح ، ولم تكن مادة القول تتجاوز الوعظ والإرشاد والتثقيف العقائدي ، والتذكير بأمجاد الإسلام ، ويتخلل ذلك بعض من التعاطي ، مع واقع المسلمين ، إن على المستوى المحلي ، أو على مستوى قضايا الأمة العربية والإسلامية .
لكن زمن الحصار والتضييق على الكلمة الإسلامية والرأي الإسلامي ، ولى واندثر ، وأصبح الخطباء والمحدثون والسياسيون الإسلاميون يملأون الدنيا ويشغلون الناس من على صفحات الجرائد ، وقنوات وفضائيات الإعلام المرئي ، ومنصات المهرجانات والتجمعات العامرة ، ويكفي أن ينسب المرء نفسه للإسلام السياسي أو الإسلام الدعوي ، فيمرح ويسرح كيف يشاء في عالم الإعلام الفسيح . فالإسلاميون الذين كانوا بالأمس ، دروايش مستضعفون يفترشون حصائر الوعظ ويختفون متسللين في عتمات العمل السري ، أصبحوا يقتعدون اليوم الأرائك الباذخة للسلطة ، ويتحكمون في شرايين المال والرأي ، ويجيشون التجمعات الجماهيرية ، ويحصدون الأصوات الانتخابية كما تحصد الزروع ، ويتأبطون صناديق الاقتراع ، فوزا واستحواذا ، تملكا لها بكل اختيال وزهو .
لكن هذا التغول السياسي والإعلامي للإسلاميين راح يبحر بعيدا بأصحابه ، إلى متاهات الكللام غير الموزون ، وغير المسترشد بأدب المنهج الإسلامي ، في الحوار ، والتدافع ، أو في الإختصام على الآراء أوالترافع في بسط الملاحظات والتقييمات ووجهات النظر . فيطيب لأحدهم أن يعتلي منصة الحطابة السياسية أو الدعوية ويمرغ خصومه السياسيين أو الإيديولوجيين في وحل القدح والتشهير والسخرية والتعريض ، بكل استعلاء وتطاول ، بل وبكل عجرفة ، وكأنما الإسلام الذي يحمله في صدره ، أو يرفعه شعارا ، يبيح له ذلك .
والحال أن للحوار وللجدال آدابا وأخلاقا وقيودا ، لا ينبغي لمن ينتسب لحركة الإسلام ، حالا أو شعارا ، إلا أن يتقيد بها ، فلا يسوغن أحد لنفسه اجتراح السباب والعدوان والغلطة والسخرية مهما كانت المشاحنات ، لأن الحركة بالإسلام ، هدفها الأسمى تألف قلوب الناس ، وإشاعة الرد بين الناس ، وتجميع الناس على التعاون على أساس البر والتقوى .
وقد نهى القرآن العظيم عن السباب حتى ولو كان موجها للمشركين " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم " . فكيف والأمر يتعلق بالجدل السياسي أو الفكري بين الإسلاميين ومخالفيهم من بني دينهم ووطنهم ، أي من داخل دائرة المسلمين ، فيما لا يسوغ لأحد أن يتعالى على أحد بتدين أكثر أو ادعاء بوطنية أكبر . فالسلوك الذي يلجأ إليه بعض الإسلاميين المتنفذين في الشأن السياسي أو الشأن الدعوى ، ويخالفون به المنهج القرآني النبوي ، من شأنه بث التنفير والفرقة ، لأنه سيحسب على الفظاظة والغلطة التي نهى الله عزوجل عنها ، " ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك " . ناهيك عن الآثار التي يمكن أن يخلفها هذا التعالي على الآخرين ، من استعداء على الخط الإسلامي ، واستهجان لأتباعه ورواده والدعاة إليه .
إن هؤلاء الدعاة والخطباء السياسيون الجدد ، الذين يتخذون من الكلمة على المنابر مادة للتهريج السياسي ، أو للفجور الإعلامي ، في حق مناوئيهم في ساحة الرأي أو في مجال السياسة ، ويفعلون ذلك مزهوين بما أسبغت عليهم الحركة الإسلامية ، من استقواء بالأتباع والنفوذ ، هم في واقع الأمر يقترفون إساءة بالغة في حق الحركة الإسلامية . تلك الحركة الإسلامية التي بوأتهم مكانة مرموقة ، ارتفعوا بها إلى المرتقى الذي أصبحوا من خلاله يترفعون على الجميع ، وهم بذلك يقعون في خيانة الأمانة التي طوقت بها الحركة الإسلامية أعناقهم ، نتيجة من جراء ما استغرقتهم فيه الأنانيات الصغيرة ، و المصالح الهزيلة الفانية ، فأوقعتهم في خوض المعارك الهامشية التافهة على حساب الأهداف الكبرى للحركة الإسلامية ، التي تغلب موازين الوحدة والتكتل والتجمع والتعاون تحت سقف الوطن أو تحت سقف الأمة الإسلامية وترجحها على تفاهات الفرقة والمناكفات الفارغة المضللة لوعي الجماهير ، والمضيعة لحقوقهم ومصالحهم ، والتي تصرف الأنظار بوعي أو بغير وعي عن الجراحات الغائرة والآلام النازفة في جسد الوطن ، وفي واقع الشعب .
بقلم : عبد لله العماري
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|