هموم مصرية : نرفض برلمان.. هز الوسط !
اغراني مقال الكاتب المشاكس، والصديق المناكف الزميل علاء عريبي بأن يكون مقالي اليوم عن كيف نحمي البرلمان القادم من المرتشين والمجرمين وتجار المخدرات.. وهي فكرة يجب أن يؤيدها كل غيور علي حاضر هذا البلد ومستقبله.. هذا إذا أردنا أن نبدأ عصراً جديداً، مع رئيس جديد وجاد.. ومؤمن بالبناء والتنمية.. والأخلاق الحميدة..
وأقولها صراحة إنه لا يمكن أن تبدأ مصر عصراً جديداً برئيس جديد.. دون وجود «برلمان نظيف». بس مش برلمان د. أحمد نظيف!! الذي صنعه أحمد عز ليلبي أحلام المنحرفين من رجال المال والأعمال..
هنا نقول ما يقوله المثل الشعبي من أن اليد الواحدة لا تصفق.. وكذلك «القفة أم ايدين.. يشيلها اثنين» ببساطة حتي يتمكن الرئيس الجديد من أن ينفذ مشروعه الطموح لتحديث مصر.. يجب أن يكون بجواره برلمان «ثورجي» يتعاون معه.. ولا يعوقه. ويا سلام لو تحقق لنا ذلك، رئيس يؤمن بالتنمية.. وبرلمان يدعمه بسلطة تشريعية قوية ناضجة ليمضيا معاً: رئيس السلطة العليا.. مع البرلمان صاحب السلطة التشريعية في طريق واحد.. بفكر واحد. ويد واحدة. وعقل يتعاون.. لا يسرق أو ينهب..
وعندما نتحدث عن تنمية حقيقية لمصر نتحدث عن «وحدة العمل» حيث لا تنافر أو تضاد. أو تعويق. حقيقة نحن نعرف الرئيس القادم بأفكاره العملية الجادة والرغبة الأكيدة في النجاح. ولكن بما أن البرنامج هو من صنع الشعب.. يجب علي هذا الشعب أن يحسن اختيار أعضائه.. لأن مدته، تقريباً سيكون مرافعاً.. ومراقباً للرئيس الجديد.
ونحن لا نريده برلماناً يصفق دون فهم.. أو يهتف دون وعي.. أو حتي يوافق دون علم. وهذا لن يتحقق إذا دخل إليه، أو تسلل تحت عبارات وكلمات معسولة إلي عضويته من ينجح في خداع الناس. أو يحصل علي أصواتهم بالأموال.. وزجاجات الزيت.. وحتي كيلو لحمة..
كيف إذن نضمن، في البرلمان القادم، عدم تسلل نواب الكيف وتجار المخدرات وما أغناهم الآن- بعد سنوات غياب السلطة الحقيقية- بل أيضا كيف نضمن ألا يتسلل إلي القبة- البرلمان وليس القصر- المنحرفون من رجال المال والأعمال.. وهو ما حدث في آخر برلمان في عهد حسني مبارك برلمان من صنع أحمد عز وتمويل زملائه وأصدقائه ممن يملكون وبذلك جاء برلماناً تزاوجت فيه السلطة بالمال، أو تسللت إليه فئات من المنحرفين منهم.. وان كنت أقول ان ليس كل رجال المال من هذه الفئة.. لأن هناك منهم من يبني ويعطي ويساهم في بناء الوطن. ولكن لا أحد ينكر أن منهم- أيضا- من تشير مصادر ثرواتهم إلي انحرافات رهيبة.. ودخلوا البرلمان ليحموا مصادرهم هذه..
وما يطالب به الكاتب المشاكس علاء عريبي- في مقاله أمس- هو حماية البرلمان القادم من المرتشين والقوادين.. أو المجرمين الذين أدانهم القضاء بل أنه يشير إلي تجربة سلطنة عمان التي منعت من عام 2011 الذين تمت إدانتهم في جناية أو جنحة من الترشح للبرلمان، حتي ولو حصلوا علي رد اعتبار.. وأنا بالفعل مع ذلك.. إذ لا يكفي رد الاعتبار الذي قد يكون لقرار سيادي، أو سياسي.. أي قرار صدر لغرض ما في نفس النظام!! ورغم ذلك فأنا اعترض علي قرار العزل السياسي.. وأوافق فقط علي العزل الجنائي.. أو الجنح.. وإذا كان المبدأ يقول ألا نأخذ الناس بالشبهات.. إلا أن المثل المصري الأصيل يقول «لا دخان دون نار» وحتي نضمن وجود برلمان نقي- بلاش نظيف.. علشان عم نظيف- يجب أن يتضمن قانون مباشرة الحقوق السياسية الجديد نصوصاً تعطينا برلماناً تحلم به الأمة (خصوصاً وقد أصبح اسمه «مجلس الأمة»)، ولا عيب في أن ننقي هذا القانون مما به من شوائب حتي نحمي برلماننا من تجار السلاح، الذين هم الآن أغني من تجار المخدرات، وصفقة سلاح واحدة كافية لكي تحمل هذا المرشح إلي مقعده تحت القبة..
وإذا كانت قوانين العزل السابقة قد عملت علي ابعاد الذين أفسدوا الحياة السياسية ولمدة خمس سنوات.. فانني أري أيضا أن يمتد هذا العزل- أو الحماية وهذه أفضل تسمية- إلي من استولوا علي السلطة لمدة عام وحاولوا تدمير كل جميل في حياتنا باسم الدين.. وضد كل من حملوا السلاح وروعوا الآمنين وأحرقوا ممتلكات الأمة.. بل والذين دمروا الأخلاق الحسنة التي «كان يتميز» بها كل المصريين.
ببساطة نريده برلمانيا يكون اليد الأخري مع الرئيس الجديد.. تؤيده وتراقبه لأن الشعب لن يمنح مرة أخري ثقته- هكذا مطلقة- لأي رئيس..
والبرلمان القادم- بهذه الشروط- هو خير من يعين الرئيس الجديد لا أن يعوقه.. نريده برلماناً يدخل التاريخ..
وهذا لن يكون بدون هذه الضوابط.. ولا نريده برلماناً «يهز الوسط» أو يضحك علي الذقون.
عباس الطرابيلى