نور شان
أضواء عينها بزرقتها الهادئة تتسلط أخيرا على الكاتب إبراهيم وهو يقبل بشحمه ولحمه انه يجلس في استرخاء وخيلاء، وينتصب جدارا اصما بقربها بمقهى باليما يحتسي فنجانه ويسرق النظرات العميقة إلى الشارع.
انه يقوس ظهره قليلا ثم يبدأ في استنكار كل شيء كان حانقا حاقدا وهو يبلع ما تبقى من القهوة "المهرسة" ثم يعلق انظري هنالك هنا صرنا وكأننا صرنا في شوارع باريس وليس في الرباط لكن ما الذي كان سيحدث في العالم لو حافظت المرأة على خصوصياتها وطابعها الأصيل انظري معي إلى عواقب حرية المرأة التي لوصلتنا إلى هدا الواقع الموبوء .
ينقض الكاتب على سيقان فتاة غليظة ترتدي "المني جيب" وشعرها المصبوغ باللون ألا شقر منشد خلفها وكأنه لايعنيها فيلتهمها وكلبها" الكانيش " الذي تجره خلفها ثم يتمم أصبحنا في مدينة تتبرأ منا منتهى الإباحية الوساخة الرذيلة وهدا ما اطمح كمبدع إلى تغييره إن وظيفة الكاتب تشمل العطاء السخاء لكي يخلق عالما نظيفا ومختلفا.
الشارع ينزرع بفتيات اكتر فتنة وعنفوانا فهن سريعات الخطو يبحثن عن عيون متربصة ملهوفة والكاتب يشرد في تأملاته المتعالية واثقا من نفسه يفلسف العالم لا يعجبه العجب ينظر بعمق إلى ركن قصي جلس به احد القصاصين الشباب ثم يحتج تأملي معي أيتها الآنسة أصبح الجميع يكتب ويكتب ويكتب وكان الكتابة مسالة سهلة المنال كم احقد على هؤلاء المتطفلين فهم يخلقون البلبلة والشعوذة الفنية لا يكتبون سوى التفاهة وواقعنا صار يعج بهؤلاء الأدعياء فهم مثل السمك النتنة .
الكاتب إبراهيم يزداد شراسة فيسارع إلى تدمير سيجارته لدعق غضبه النافر ثم يختبى خلف سخامها محتضنا فنجانه الفارغ بيده اليمنى ويخرس مكتفيا بنظرة سخرية جعلت حاجبيه يفران من معقلهما.
الكاتب إبراهيم يتأمل الصحافية نور شان أمامه ويقول لها بتردد قبل إصدار حكمه النهائي انت جميلة ايه جميلة ولو علمت من قبل لما تلكأت في مقابلتك اقصد لما... تتصنع الصحافية الخجل أمام ارتباك إبراهيم تصمت لحظات ثم تبادره بالسؤال ترى لمادا هده اللحية الطويلة التي...يرد الكاتب باصرار ومن دون كثير من التفكير حتى أتميز في الوسط الثقافي واخلق لي بصمة متفردة فها أنت تلاحظين معي فلان يطيل شعره وعلان يرتدي ملابس مهلهلة . تقاطعه الصحافية وتدعوه لان يطلب فنجان قهوة أخر فلا يمانع
تفكر الصحافية إن لقاءي بهدا الكاتب الشهير سيضمن للجريدة مبيعات مهمة .دفعوا له مقابل حتى يرضى إجراء الحوار معنا الجميع يقول عنه بأنه سكير عربيد ولا ادري سبب شهرته هده لكن علي بدوري أن استفيد من هده المقابلة يجب أن اطلب أيضا تعويضا فالكاتب سيشتهر والجريدة ستبيع وأنا لكن ياالهي كم هو وسخ هكذا.
هل يجب على المثقفين أن يهملوا دواتهم بهدا الشكل حتى يظهروا اكبر انصهارا بهموم المجتمع تستفيق الصحافية من شرودها على صوت الكاتب وهو يقول هل تعرفين بوسطنا الابداعي هدا لو أردت غربلة المثقفين الحقيقين لوجدت نسبة ضئيلة تتوفر على شروط الكاتب الحقيقي، فالجميع يحسدنا ويظننا أغنياء بعمارات وشركات لايعرفون أن الكاتب يعاني في بلدنا لكي يبدع فهو بشر عادي يدخل إلى المرحاض ويطالبه صاحب الكراء بحقه كل آخر شهر.
اسماء المعلومي