المرأة المغربية الحقيقية..تحية إكبار
كلما هل علينا شهر مارس,واجتازت قدمه العتبة,تسابق ذوي المشاعر الجياشة والعواطف المتشتتة إلى اصطفاء,النساء المنعوم عليهن,والمرضي عليهن,ليتم تكريمهن,فيعمدوا إلى مد أيديهم إلى " قاع الخابية",ملتقطين بخبرة وحنكة محنكة, كل متردية و نطيحة,تسبح في حرية وتفتح أسفل سافلين,فالمرأة في عرفهم هي التي تشهر في وجه الكل معالم الأنوثة وتضاريسها,بكل صفاقة ووقاحة متمردة على فطرتها وقيمها..
كرمت النساء الحقوقيات وبعض الفاعلات والناشطات الجمعويات, وأنك لتحتار وأنت تدقق النظر إلى بعضهن متمعنا,أ امرأة هي أم رجل,فالصوت صوت رجل والدثار أنثوي,قصة الشعر تنبؤك بأنك أمام " الجيلالي" واللافتة عليها " غزلان",شايلاه يا أنوثة تستحق التكريم .
فالمسكينة تقضي وقتها في حلبات النضال ومعارك السجال,لا تملك الوقت لتمرر المشط في شعرها,أو بقايا شعرها إن صح التعبير,تتنقل بالمجان في سيارات فارهة,طائرات درجة أولى,تعيش على مدخولات اللقب,غير عابئة بمشاكل الشعب,تبحث دوما عن كاميرات التصوير وميكروفونات التسجيل,تسبل دمعة لتقتنص مدخولا شهريا كفيل برفع الضرر على دوار بأكمله..
لذلك نصبت منصات,وقطفت الورود,سطرت بطاقات التهنئة بما لذ وطاب من الكلم,لتكريم المرأة المغربية,التي هي في قاموسهم المتقدم بعشرات السنوات الضوئية الى الوراء, هي من تلبس القفطان فتشق فتحاته, إلى أن تصل إلى أعلى عظمة الورك,حتى إذا رمت رجلها متبخترة,ظهر ما يطلبه الجمهور,ثم إذا هي تأكدت من التقاط الصورة الفاضحة,وضعت يدها على فمها متصنعة الاندهاش والخجل,متناسية نظرات البراءة الذئبية المرتسمة في عينيها..
والمرأة المغربية,هي التي تحاول منافسة ناسيونال جيوغرافيك,ومد المشاهد الكريم بأفصح المشاهد,شارحة له اللغز العظيم,الذي عجز عنه شيرلوك هولمز,وعاد منه كونان حاملا خفي حنين,ألا وهو لغز مغارة " بيت النعاس" وشرح مراحل عملية التخصيب,بالتفصيل الممل والمخل,فالتقدم كل التقدم يبدأ من فيلم إباحي,أو مشاهد ساقطة,متنصلة من مقص الرقابة "الحافي"..
كما أنها هي التي "تتشعبط" خشبات المسارح,في حنكة طرزانية,مستعرضة هيكلها العظمي المثير لمحبي فن التحنيط والتشريح,باحثة بيأس عمن يتبنى الموهبة المغمورة والمطمورة, فليس متاحا للكل" التشعبط" والتقصدر البسيكولوجي والفيزيولوجي..
مهمشين عن سبق إصرار وترصد للمرأة القحة,التي تمثل المغرب والبيت المغربي المحافظ,المستعد لتقديم فرد منه للسجن أو المقبرة دفاعا عن شرف اصغر " بعلوكة" في العائلة,معتمين على الشعب أخبارا تنبئهم بانجازات بناتهم,في مسابقات الحفظ والتجويد,العلوم والاكتشافات,التعيينات والترقيات..مغرقين إياه بأخبار النهيق والشهيق الوطنية والدولية.
فالمرأة المغربية ليست من سقط المتاع ولكنها خير المتاع وأنفسه ,فهي التي مشت لأميال صوب المشور السعيد,مطالبة بتوظيف ابنها التي صرفت عليه دم قلبها,وأفنت من اجله زهرة شبابها.. وهي التي تستلم استقالة الزوج من مهامه بغير جزع,لتشمر على ساعد العمل,فتراها تزاحم الباعة,تقود " الكروسة",محاربة للزمن وظروف الحياة,لتقتلع طرف " الخبز" من بين الأنياب والمخالب,رافعة بصرها للسماء بعد يوم طويل,ممررة يدها على جبينها لتمسح عرقها الغزير,وهي تعد دريهماتها مبتسمة في رضا وهي تردد" الحمد لله"..
وهي التي تخوض الجبال والمرتفعات,للبحث عن حطب يدفئ صغارها,فتراها ترزح تحت كومة أعواد وقش تضاهي أو تفوق وزنها,منتعلة حذاء يعري أكثر مما يستر,في بحث مستعر عما من شانه رفع بعض درجات السيليسيوس في بيتها أو كوخها المتهالك,المستقر على شفا جرف هار..
وهي التي تصارع عمال البلدية وال" مخازنية",الذين يؤنبهم ضميرهم وهم يروا امرأة ليس لها معيل تعيق جمالية المحيط العمراني,فلا يهدا لهم بال حتى يصادروا بضاعتها,غير عابئين بتوسلاتها ولا بدموعها,لان الواجب فوق كل الاعتبارات..
وهي التي تداهمها النوم فتفرش بعض الجرائد القديمة,أو بعض الكرتون المستعمل,لتريح جسدها المنهك..وهي التي تحمل الزوج في أخر لحظات حياته بين أسنانها,غير متأففة من مرضه ولا ممتعضة من حاله,ترد على سائلها المتعجب: أ فلا استحمله وقد أشهدنا عدلين على استعدادنا لتحمل بعضنا في السراء والضراء؟..
كما أنها هي التي تزهد في النعل,الملابس والحلي,من اجل تدريس أبنائها,وتسديد الفواتير الخيالية التي تطربنا بها مكاتب الماء والكهرباء في بداية كل شهر,فتراها تقطع من جوعها وحاجتها مقابل شراء كراسة أو كتيب,موكلة الله على وزارة التربية والتعليم التي ترسل للعامة كل سنة مفادها: " التعليم ليس للفقراء..".
وهي التي تصبر على النار ولسعتها وهي تقلب خبز عيشها,وقد اكتسبت الصلابة والمناعة من خلال اللطمات والصدمات اليومية,فتراها شاخصة البصر وقد اتكأت على عربة البيع خاصتها,تناجي ربها, تعد المصاريف التي تنتظر السداد..
فعذرا نساء العالم..المرأة المغربية القحة ليس لها مثيل..
وعذرا ورود العالم..ولا وردة منكم يمكنها التعبير..
التعبير على أسمى احترامنا..للمرأة المغربية الأصلية..
نجاة حمص