كشفت احصائيات رسمية ان ثلثي النساء المغربيات اللواتي تتراوح اعمارهن ما بين 18 و64 سنة يتعرضن للتعنيف ويصف المسؤولون الظاهرة بالمقلقة.
وخلص البحث الوطني حول العنف ضد النساء الذي اعدته المندوبية السامية للتخطيط ان من بين 9.5 مليون امرأة تتراوح أعمارهن ما بين 18 و64 سنة تتعرض ما يقارب ست ملايين امرأة للتعنيف وان العنف النفسي هو الأكثر ترددا بنسبة 48 بالمئة أي ما يقارب 4.6 مليون، وان إطار الزوجية يبقى المكان الأكثر انتشارا لهذه الظاهرة بنسبة 55 بالمائة أي 5.7 مليون من المعنفات.
وقال عبد الاله بن كيران رئيس الحكومة المغربية ان العنف ضد المرأة في المغرب، يدق ناقوس الخطر وان الارقام المعطاة تفرض وضع إجراءات تنظيمية وتربوية وثقافية وقانونية، من أجل التقليل من الظاهرة في أفق محاربتها مؤكدا أن العنف الممارس ضد النساء يشكل ظاهرة مشينة تنم عن انحراف خطير في سلوك مقترفيه وتشكل أحد أبرز مظاهر التمييز التي لا تزال تطال المرأة.
وأبرز عبد الاله بن كيران في افتتاح الندوة الإقليمية المنظمة بالرباط حول الوقاية ومحاربة العنف ضد النساء أن اعتماد المقاربة القانونية وحدها لمحاصرة الظاهرة رغم ضروريتها غير كاف، ولا بد من اعتماد المقاربة التربوية والثقافية إلى جانب القانونية، وتصحيح الاختلالات التي تؤدي إلى العنف، وتعزيز الشراكة بين مختلف الفاعلين في مجال محاربة العنف ضد النساء من أجل تعزيز حماية المرأة، كما أكد على ضرورة مراجعة القانون الجنائي بما يحمي النساء من العنف، وإحداث مرصد وطني لحماية المرأة من التعنيف، فضلا عن ضرورة وضع برامج تستهدف المعنَّفين والمعنِّفين معا.
الا ان بن كيران ذات المرجعية الاسلامية شدد على أن أي إصلاح لا يحترم المرجعية ينقلب ولو بعد حين وان الذين يطالبون بالتنزيل الحرفي لما هو غربي في مجال محاربة العنف ضد النساء، دون مراعاة الخصوصية المغربية، يغامرون بمستقبل المغرب وقال ان ثقافتنا الإسلامية أورثت المرأة مكانة عالية لم تمنحها أي ديانة غيرها، وان من مظاهرة تكريم الإسلام للمرأة كون الرسول (ص) لم يضرب امرأة في حياته قط سواء كانت زوجاته أو أي امرأة أخرى، وهذا بمثابة توجيه نبوي للناس باعتبار أن العنف ضد النساء جريمة وسلوك منحرف.
وقال بن كيران إن حكومته تعمل على بلورة خطة حكومية للمساواة في أفق المناصفة في إطار تشاركي لتحقيق إلتقائية مختلف المبادرات المتخذة من قبل القطاعات الحكومية في مجال محاربة العنف الذي يطال النساء وقال 'سنواصل نهج الإصلاحات التشريعية والتنظيمية التي تعزز حماية المرأة من خلال مراجعة القانون الجنائي بما يتلائم مع روح الدستور الجديد، وإحداث مرصد وطني لمحاربة العنف ضد النساء، وتطوير برامج وقائية لمكافحة التمييز والعنف ضد النساء والفتيات ضحايا العنف.
وعقدت الندوة الإقليمية حول 'الوقاية ومحاربة العنف ضد النساء' والمنظمة تحت شعار 'من أجل وضع حد لمعاناتهن لنوقف العنف' بهدف تبادل المعارف والخبرات في مجال الحكامة والتتبع والتقييم ذات الصلة بموضوع ظاهرة العنف ضد النساء كما تهدف إلى تطوير ومأسسة آليات مشتركة لليقظة والتدخل ودعم الشراكة الأورو متوسطية في مجال مناهضة العنف ضد النساء.
وتناقش ستة محاور تتعلق بالشراكة ألاورومتوسطية في مجال الوقاية ومناهضة العنف ضد النساء والسياسات الاستراتيجيات التي تستهدف الظاهرة وتتبعها وبحث الآليات القانونية والبنيات الخاصة بالحماية القانونية للنساء ضحايا العنف وإبراز التحديات التي تواجه مسألة التكفل بالنساء ضحايا العنف والمقاربة الاجتماعية للوقاية من آفة العنف.
واعتبرت بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية المغربية أن العنف الممارس ضد النساء ويتركز بالخصوص في الفئة العمرية النسائية النشيطة (18 ـ 45 سنة)، له كثير من الآثار الاقتصادية والاجتماعية، على اعتبار أن الفئة العمرية المتضررة هي المساهمة في الناتج الداخلي الخام، وهي أيضا الفئة العمرية التي تكون عموما ذات مسؤوليات أسرية واجتماعية هامة، حيث يكون الوقع مزدوج يمس المنظومة الاجتماعية والاقتصادية.
وأبرزت الحقاوي أن قياس ظاهرة العنف يعرف صعوبة، فرغم المجهودات الحكومية والمدنية المبذولة في رصد وقياس الظاهرة، يبقى تقديرها إحصائيا جد نسبي، على اعتبار أن الأمكنة والفضاءات التي يمارس فيها العنف بكثرة وبترددات كبيرة وبنسب هامة بآثار سلبية جمة، هي عموما الفضاءات الخاصة، حيث يتصدر العنف المنزلي بين الأزواج أشكال العنف بنسبة تفوق 50 بالمئة، حيث تصل إلى السدس في أوروبا، وأكثر من 50 بالمئة في المغرب، و60 بالمئة بكل من الجزائر وتونس وأن الأمر يصبح أكثر تعقيدا في حالة التبعية الاقتصادية للزوج العنيف، مضيفة أنه يصعب أو يندر التصريح بالعنف في غياب مسارات الحماية القانونية.