|
|
جماعة العدل والإحسان بين بهتان الرؤى وارتباك القيادة
أضيف في 05 يونيو 2018 الساعة 10 : 02
جماعة العدل والإحسان بين بهتان الرؤى وارتباك القيادة
بفعل الترويج " لرؤى 2006" على أوسع نطاق بات تحققها ــ من فرط تداول الأتباع وتأكيدات قادة الجماعة ــ في حكم "عين اليقين". لكن لما تأكد بهتان الرؤى عقب انصرام الأجل المحدد لوقوع "الحدث العظيم" الذي بشرت به تلك الرؤى ، ساد الارتباك جسم الجماعة ورأسها. إذ كان من المفروض في قيادة الجماعة رفع اللبس وفك التلبيس عبر بيان موجه لمن اختارتهم الجماعة لركوب "الفلك" والنجاة من "الطوفان". طبعا لم تصدر الجماعة أي بلاغ أو بيان في موضوع عدم تحقق الرؤيا، بل اكتفت ــ الجماعة ــ على لسان الدرجة الثانية من قيادييها الاستهانة بالموضوع وبعقول الأتباع . فقد صرح عبد الصمد فتحي لأسبوعية "الوطن" جوابا على استفسارها عن غياب أي بيان، صرح بالتالي : ( لحد الساعة لا يوجد أي بيان في هذا الموضوع، لأن الأمر بالنسبة لنا لا يستحق ذلك، ف "رؤى 2006" موضوع كبّرَه الآخرون، وليس في مصلحتنا أن نسايرهم في تكبير الموضوع إلى هذا النقاش ). لن نعود إلى التأكيدات التي تفند تصريح فتحي وهي صادرة عن المرشد وبعض قادة الجماعة ، فقد تناولت جزءا منها المقالة السابقة، بل يهمنا في هذا المقام التعامل مع السؤال التالي : هل يمكن أن يصدر عن أتباع الجماعة وقواعدها رد فعل يعبر عن تذمرهم الافتراضي ؟ لن يكون غريبا هذا الصمت المطبق الذي لاذ إليه أعضاء الجماعة وهم يعدّون الدقائق الأخيرة من عمر السنة الموعودة دون أن تظهر في الأفق أدنى إشارة إلى "الوعد" المنتظر. والسبب يعود إلى طبيعة المعتقدات وقواعد التربية وشروط الصحبة التي يخضع لها كل أعضاء الجماعة ، مما يكون له التأثير المباشر على طريقة تفكيرهم التي تأبى النقد وترضى بالوصاية والخضوع. لهذا، فإن الشيخ ياسين لن يكون مضطرا للتوضيح فأحرى للاعتذار لأنه يدرك جيدا أن أتباعه لن يتأثروا سلبيا بعدم تحقق الرؤيا لاعتبارات أهمها:
أ ـ أن من شروط الانتماء للجماعة اغتيال العقل وتعطيل النقد كما تنص أسس التربية ( يا غلام ! كن غلام القوم وأرضا لهم وخادما بين أيديهم .. كن غلام الدليل! اتبعه.. لا تخرج عن رأيه، ولا تخالف قوله )(ص238 الإحسان1).
ب ـ أن من حسن إيمان الأتباع الطاعة التامة للشيخ : ( قم بخدمة شيخك بالإخلاص .. واذهب معه بمسلك الأدب. واحفظ غيبته. وتقيد بخدمته. وأكثر الخدمة في منزله. وأقلل الكلام في حضرته. وانظر إليه بنظر التعظيم والوقار )(ص238 الإحسان1).
ج ـ أن من شروط الصحبة عدم مخالفة الشيخ أو انتقاده أو مجادلته ( ولا يشتغل بالاحتجاج معه في كل مسألة وإن علم خطأه ، ولا يلقي بين يديه سجادته .. ويعمل ما أمره به )(ص236 الإحسان1) .
د ـ أن من خصال المريد إسلاس الانقياد للمرشد بحيث (يحترمه ظاهرا وباطنا . أما احترام الظاهر فهو أن لا يجادله ولا يشتغل بالاحتجاج معه في كل مسألة وإن علم خطأه.. وأما احترام الباطن فهو أن كل ما يسمع ويقبل منه في الظاهر لا ينكره في الباطن لا فعلا ولا قولا لئلا يتسم بالنفاق ) .
و ـ أن عقيدة الجماعة تجعل رضا الشيخ من رضا الله ، ومن رفضه قلب الشيخ صار بدون هاد ومنقذ ( من رده قلب شيخ من الشيوخ فلا محالة يرى غبَّ ذلك ولو بعد حين ). وعاقبة ذلك سيكون الشيطان شيخه والخسران الأخروي مصيره. لأن ( من أراد الفلاح فليصر أرضا تحت أقدام المشايخ ) ومن ( لا شيخ له لا قبلة له ، ومن لا شيخ له فالشيطان شيخه (213الإحسان1). وما دام الأتباع يرون في الشيخ منقذهم وهاديهم وشفيعهم وماشطتهم(= الواصفة التي تُجَمِّل العروس ليلة الدخلة ) فإنهم لن يعصوا له أمرا ولن يضمروا له نقدا. بل إن رؤيا 2006 فتحت شهية الأتباع ليكرسوا قدسية الشيخ لم يبلغها نبي قبله ولا رسول . لهذا لن يساور الأتباع أدنى شك في كون المبشرات والرؤى "وحيا" من الله للجماعة ومرشدها ووعدا لهم "بالنصر" . ذلك أن أتباع الجماعة لا يشغلهم تمحيص الرؤى أو نقدها قدر انشغالهم بتحققها وتشوقهم إلى لحظة "الفتح" التي يزعمون أن الرسول محمد (ص) وعد الشيخ بها ، كقول أحدهم ( شاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُبَشّر سيدي عبد السلام حفظه الله بالنصر القريب، ويقول للإخوان : "استعدّوا للفتح بقيام الليل والدعاء والتبتل وملازمة مجالس الإيمان". ) . ومسألة الإخبار بالنصر والوعد به لا تقتصر على "المبشرات" التي يقصصها الأتباع بعد أحلام كل ليلة، بل أسّس لها الشيخ و"بشّـر" بها وحرض عليها بأقوال شتى وفي مواضع عدة أبرزها إقراره التالي( كوني مبعوثا مبلِّغا أمرني القادر عز وجل بإعداد القوة ، ووعدني بالنصر ، وشرط لي وشرط علي شروطا )(ص 401 العدل). إذن كل الشروط النفسية والعقائدية والتربوية والتنظيمية التي يخضع لها أتباع الجماعة ويتشبعون بها لن تجعل منهم غير أعضاء يسمعون فيصدقون ويطيعون حين يؤمرون، لا يعصون للشيخ أمرا ولا يخلفون له وعدا ولا يتخلفون عن موعد قرره المرشد . وسيجدون من المسوغات ما يكفي لتبرير عدم تحقق "رؤيا 2006" في موعدها على اعتبار أن وعد الله لا يخضع للتوقيت البشري . وهذا ما قصده فتح الله أرسلان في حوار على شبكة إسلام أون لاين ( فليس الأمر بملكنا ولا بإرادتنا لأن هذا أمر الله وهو الفاعل المختار يفعل ما يشاء، كما يشاء، وكيف يشاء. أما البشر الضعاف قد يصعب عليه فهم الفعل الإلهي كما صعب على بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم الرؤيا التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه سيدخل المسجد الحرام آمنا مطمئنا فاستعد رسول الله، واستعد معه صحابته الكرام للدخول إلى مكة في ذلك العام، لكن لم يقع ذلك في تلك السنة وتحسر بعض الصحابة واحتجوا على ذلك، ولم يفهموا أن الله قد فتح فتحا أعظم مما كانوا ينتظرونه إلا بعد ذلك حينما نقضت قريش العهد، لكن كان إيذان الفتح وانطلاقته قبل موعد دخولهم إلى مكة منتصرين) . لكن ما لم يقله قادة الجماعة أن الشيخ ياسين ليس النبي محمد (ص) حتى تجري على يديه المعجزات وتتحقق برؤاه الأحداث .
سعيد لكحل
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|