أهمُّ أهداف هذه المنظمات الهدّامة، هي الانقلابات السياسية، لإحلال سلطةٍ مكانَ سلطة، بحيث تكون السلطة الجديدة تابعة لها، وخادمةً لأهدافها، التي في قمّتها القضاءُ على الأديان، وكلّ ما يَمُتّ بصلة إلى عقيدة، أو عبادة، أو أخلاق، أو قيمٍ، أو معاملة، أو سلوكٍ؛ وهي كلّها في سبيل الوصول لتلك الغاية، فلا تتورّع المنظّمةُ الهدّامة عن استخدام أيّ وسيلة ممكنة، وأي شخص، عملاً بالمبدإ الإباحي الإلحادي الزائف: [الغاية تبرّر الوسيلة]؛ ومن هذه الوسائل المختلفة، مؤتمرات بشعارات غامضة، لإخفاء المقاصد الدفينة، ومهرجانات تقام لأتفه الأسباب، تتراوح أهدافُها ما بين أهداف كاذبة، ومضلِّلة، وأهداف خفية حقيقية، لا يتنبّه إليها المواطنُ الساذج، فيعتبرها بريئةً بناءً على ظاهرها الزائف..
ولها من شعاراتها الظاهرة البرّاقة، ومبادئِها الخفية، ما تسيطر به على ضعاف النفوس، ومرضى القلوب، وعديمي الإيمان، والمرضى بجنون العظمة، وحبِّ الشهرة.. فمن الشعارات المضلّلة المعلَنة كلمات: [الإخاء ــ الحرّية ــ المساواة]، وهي كلماتٌ برّاقة، وأخّاذة، تستهوي الكثيرَ من السّذج الذين يفتقرون للعقل النقدي؛ لكنْ وراء هذه الكلمات، تخفي حقائقَ تكشف زيفَ هذه الجمعيات الآثمة، ويظهَر أنها كلماتُ حقٍّ أُريدَ بها باطل، وأنها العسل المصفّى، يوضع بداخله السُّم الزعاف، ليتناولَه المسمومُ بسهولة ويسْر، ولا يدري أنّ فيه نهايته المحتومة، وهلاكَه المحقَّق؛ وذلك ما تؤكّده المبادئ السرية التي تفضح في غير حياء هذا الغلافَ من الشعارات البرّاقة الكريمة، وتبيّن كُفْر هذه الجمعيات، والمنظمات، والنوادي، بكل القيم الإنسانية الرفيعة، والأخلاق العالية الكريمة؛ فهذه التكتلات يتستّر وراءَها مجرمون آثمون، ويختفي تحت ظلالها ملحدون كافرون، ووطنيون كاذبون، ومنافقون متلوِّنون، منهم من ينتمي إلى ميدان الدّين، والدين منه براء..
فهم عندما يتحدّثون مثلا عن حرية المرأة، فهم لا يريدون بالمرأة خيرًا، وإنما يريدون توظيفَها، واستعمالها في بلوغ أهدافهم؛ فبفجورها، وتجرُّدِها من العفّة والحياء، سيمْكنهم السيطرة على الرجال، الذين ستكون المرأة في متناولهم متى وأنّى شاؤوا بمعزل عن الزواج الشرعي؛ فيُثْنون عليْها، ويُعْلُون من شأنها، ويصفونها بالتفتّح، والتحضّر؛ وكلّما كانت أكثر عُرْيًا، وأظهرت جغرافية جسدها كانت أكثرَ تحضّرا، وظُرْفًا، وحرية.. ولِلظُّرْف، اخترعوا سباقات (الجمال)، فتُعْرض النساءُ على المنصّات، وهنّ عاريات، كما تُعرض الأبقارُ والدواب في المعارض الفلاحية، وبعد اختيار [ملكة الجمال]، يُقْترَح على أخريات، مناصب شُغْل في الكباريهات، وحلبات الرقص، وأدوار في أفلام البورنو، بهدف الشهرة، والنجومية؛ والمرأة الساذَجة، والأمّية تقريبًا، تعتبر ذلك نجاحًا وتشريفا عند عرْض صورها أمام تجّار اللحوم البشرية.. وعندما تظهر في مشهد مخلّ بالحياء، يصفونها بالجرّيئة والمتحرّرة، وهو ما يغري الفتيات الفقيرات، فيرتمين في أحضان الرذيلة، والفسْق الخفي والعلني، وهو ما نزل بقيمة المرأة إلى الحضيض، وفقدتْ حرمتَها، وشرفَها، واحترامَها في المجتمع؛ ولعلّ فتوى (جهاد النكاح) لخير دليل على الهوّة السحيقة التي نزلتْ إليها المرأةُ اليوم..
وعندما يتحدثون عبر مؤتمرات خادعة عن الحريات الخاصة، وحرية الأقلّيات، فإنهم يمهّدون بذلك لحرية الشذوذ الجنسي، وقد سمّوها اليوم: (حرية الجسد)، ولكن بما أنهم أقرّوا بحرية الجسد، فلماذا يعاقبون (التحرش الجنسي) الذي هو أوّل خطوةٍ نحو حرية الجسد؟ أليس هذا تناقضًا؟ أليس هذا حرمانَ الجسدَيْن، ذكرًا وأنثى، من ممارسة حرية جسدَيْهما المنصوص عليها سلفًا؟ إنه اللامعقول! وهذا ما ينادي به (الشّارف) الذي قوّس ظهرُه، ورشي عودُه، وإني أتساءل: مَن كلّفه بهذه المهمة؟ ومن يكونُه أصلاً؟ ومن هو في المجتمع المغربي؟ كان على المغاربة أن ينفوه من أرضهم، وأن يُخْرجوا الفاسدَ من بيننا، وأن يقدّموه لمحاكمة لذكره لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذكْرِه لجلالة الملك نصره الله دون احترام لقَدْرِهما ومنزلتهِما فهو يذْكرهما كل مرة، وهو يدافع عن اللّواط، ويُطبِّع الشذوذ في البلاد، دون احترامٍ لمشاعر المواطنين، وقيَمِهم.. فما الذي يريده هذا (الشّارف طويل الشِّدقيْن)؟ إنه أخطر، وأفظع من آفة الإرهاب؛ بل إنه إرهابٌ سوف يكتسح البلادَ والعباد، ولن تنفع معه أية مقاربة أمنية، أو إجراءات زجرية، لأنه سيكون دمارًا شاملا.. وعندما تسمعهم يتحدّثون عن (الحق في الحياة)، فإنهم يقصدون إلغاءَ الإعدام، حفاظا على حياة القاتل، والوحش الكاسر؛ لأن المجرمين، هم مَن سينفّذ أوامرَ المنظمة التي أنقذتْهم من الإعدام؛ وذاك اليوم يسمُّونَه (اليوم الموعود)؛ يوم لا أخلاقَ، ولا دينَ، ولا وطن، ولا ملكيةَ، ولا دولةَ؛ هكذا تقول صراحةً [بروتوكولاتهُم]..